تزرع معظم الاشجار والشجيرات الصغيرة في المدينة والحضر لتوفير الظل وللزينة، فهذان سببان أساسيان لاستخدام الأشجار، إلا أن هناك منافع أخرى عديدة للأشجار، اجتماعياً وبيئياً.
المنافع الاجتماعية
نحن نحب الأشجار حولنا لأنها تبهج الحياة، معظمنا يتفاعل مع وجود الأشجار حتى بدون الادراك الحسي لجمالها، فنحن نشعر بالهدوء والطمأنينة والراحة بين الأشجار، وينتابنا شعور لا إرادي بالاحساس بالامان. لقد تأكد أن المرضى الذين تجرى لهم عمليات في المستشفيات يظهرون بوادر التعافي بسرعة اذا كانت شرفتهم تطل على منظر أشجار. وهذا الترابط بين الناس والأشجار، طالما تجلى في التصدي لقطع الاشجار من أجل توسيع الطرق.
إن مكانة وقيمة الأشجار تعطيها مرتبة كبرى في حياة الناس. فلما تقدمه الشجرة من أجل إدامة الحياة، نزرعها لتبقى ذكريات حية، فطالما ارتبطنا بشكل شخصي بأشجار زرعناها أو ترعرعنا تحتها.
المنافع المشتركة
على الرغم من أن الأشجار قد تكون ملكية خاصة، إلا أن حجمها يجعلها جزء من المجتمع الموجودة فيه. ولأنها تقع على مساحة معتبرة، فالتخطيط لزراعتها أمر ضروري اذا كنت أنت وجارك تريدان مشاركة منافعها. فبالاختيار السليم والعناية، تستطيع الشجرة أن تنمو وتتعزز في دارك دون أن تمس من حقوق وامتيازات جارك.
إن أشجار المدينة تؤدي عدد من الوظائف المعمارية والهندسية، فهي توفر الخصوصية وتعزز المظهر العام للمدينة وتحجب رؤية المناظر الغير مرغوبة. وهي كذلك تحجب الوهج والانعكاسات وتنظم حركة سير المشاة، وتعمل كخلفية لتزيين أو إظهار المرافق العمرانية.
الفوائد البيئية
تتحكم الأشجار في المناخ الذي نعيش فيه بجعل الجو معتدلاً وزيادة جودة الهواء والحفاظ على الماء وإيواء الحياة البرية. إن تحسين المناخ يأتي من خلال التحكم في تأثيرات الشمس والرياح والأمطار، فالطاقة المشعة من الشمس يتم امتصاصها في أوراق الأشجار المتساقطة الأوراق في الصيف وتعيد إخراجها في الشتاء عبر الأفرع عندما تسقط أوراقها. فيا سبحان الله، نشعر بالبرودة عندما نجلس تحت الأشجار لنحتجب عن أشعة الشمس، وفي الشتاء نستفيد من إعادة إخراج هذه الطاقة المشعة لنشعر بالدفء!. لذلك ينصح بزراعة الأشجار الصغيرة أو المتساقطة الأوراق في الجزء الجنوبي من منزلك للاستفادة من هذه الخاصية المدهشة.
إن سرعة وإتجاه الرياح يمكن أن تتحكم فيها الاشجار، فكلما كان النمو الخضري كثيفاً على الشجرة كلما كانت مصدات جيدة للرياح، كذلك يمكن للاشجار تحييد أو استيعاب وابل المطر الغزير أوالأمطار المتجمدة والباردة وبالتالي توفر بعض الحماية للناس والحيوانات المنزلية والمباني. الأشجار تعترض المياه الغامرة وتخزن جزءاً منها مما يقلل من إمكانية حدوث موجات الجريان السطحي والسيول.
الرطوبة والتجمد توجد كذلك بنسب أقل تحت الأشجار بسبب أن الطاقة المشعة تخرج بنسب أقل في الليل من تلك الأماكن. وأيضاً، فإن درجة الحرارة تكون أخف حول الأشجار من الأماكن التي تبعد عنها، وكلما كبرت الشجرة كلما خفت درجة الحرارة. فباستخدام الأشجار في المدن، نكون قادرين على التحكم في درجات الحرارة المرتفعة التي يسببها الأسفلت والمباني في الأماكن السكنية والعمومية.
جودة الهواء يمكن تحسينها من خلال استخدام الأشجار، فأوراق الشجرة تصفي الهواء الذي نستنشقه من خلال إزالة الغبار والأتربة والأوساخ وغيرها من الجسيمات. وعندما يأتي المطر يقوم بإزالة تلك الملوثات إلى الأرض. وتقوم الأوراق كذلك بامتصاص ثاني اكسيد الكربون من الهواء لتشكيل الكربوهيدرات التي تستخدم في نظام وبنية الشجرة، وفي هذه العملية تقوم الأوراق أيضاً بامتصاص الملوثات الهوائية الأخرى كالأوزون ومونوكسيدات الكربون والسلفور وتعطي مقابلها الأكسجين.
إن زراعة الأشجار أو الشجيرات الصغيرة، تجعلنا نعود أكثر إلى الطبيعة ونقلل من البيئة الاصطناعية، فدورة الحياة الطبيعية للشجرة من إعادة تدوير وتجزيء ستذهب إلى سطح الأرض وباطنها مما يعيد التوازن الطبيعي والبيئي للتجمعات الحضرية.
الفوائد الاقتصادية
الأشجار الكبيرة والصغيرة لها قيمة كبرى، إلا أن تنوعها في النوع والحجم والعمل يجعل من الصعب تحديد قيمها الاقتصادية، فالاستفادة الاقتصادية من الأشجار يمكن أن تكون مباشرة وغير مباشرة في آن واحد. الفوائد الاقتصادية المباشرة تكون عادة مرتبطة بتكاليف الطاقة، فمثلاً تقل تكاليف التكييف المنزلي في منزل يغمره ظل الأشجار، وبالمقابل تقل تكاليف التدفئة في منزل محاط بأشجار مصدات للرياح. إن الأشجار تزيد قيمتها كلما كبرت أكثر، عكس الحيوان مثلاً الذي تقل مردوديته كلما كبر.
إن اختيار شجرة في المنزل، لهو بحق استثمار في الفرد والمجتمع والأرض ككل.